الأربعاء، 16 أبريل 2008

الخـِســاب على صاخـِب الـَـمخـِّـل يا خبيبي

اليوم لم أذهب للعمل. أوصلت الأولاد للمدارس ثم رجعت للبيت. في الطريق، فتحت الراديو (المذياع أعزكم الله) على قناة محلية فوجد برنامجاً ديناً. كان صوت المتحدث يعلو وينخفض ويموج ويغنج في محاولة مستميتة لايصال الرسالة: كلنا ابناء عرص مخطئين والمسيح وحده هو ابن الله ودفع ثمن خطايانا كاش بلاص تاكس (يعني شامل الضرائب أعزكم الله)! ولسبب ما (ربما حكمة إلاهية) واصلت الاستماع. وإليكم ما فهمته:

المسيح ابن الله ولكنه بشر. وهو بشر ولكنه ابن الله. وهو ابن مريم التي هي ليست بالطبع زوجة الله ولكنها لم تكن على علاقة غير شرعية لا به (أي الله) ولا بغيره. وهو (أي المسيح) ابن ابراهيم. وهو أيضاً ابن ديفيد (داوود). أي انه عبراني يهودي (وشو يعني؛ طز طزين ثلاثة). اما مريم، فهي عذراء لم تتزوج وليس هناك شبهات حولها بتعدد الأزواج رغم ان ليسوع كل هؤلاء الأباء. والمسيح هو آدم الثاني. وبينما اخظاً آدم الأول وطُرِدَ من الجنة بسبب هذه الخطيئة، فان آدم الثاني لم يخطئ وأرسله الله على هيئة انسان من رحم امرأة (مريم العذراء) ليصحح هذا الخطاً وليمحو هذه الخطيئة. وقد نشأ المسيح كانسان، رغم انه ابن الله وبالتالي فهو إله بالوراثة لان فيه جينات إلهية. وقد صام واحس بالجوع، ثم أفطر فاحس بالشبع معجزة! كذلك، فقد صُلِب ومات ثم قام فحيا ونط راجعاً للسماء.

في هذه اللحظة تذكرت امي التي كانت تعايرني عندما افشل في انجاز امر ما فكانت تقول: "تيتي تيتي، زي ما رحتي زي ما جيتي!" واكتشفت انني مثل المسيح تماماً: فأنا تيتي وهو تيتي! الله أكبر! هاليلويا!

ويواصل الواعظ الحديث باخلاص فيقول:

بالنسبة لكيفية ان الله انسان وان الانسان إله، فربما تريدون مني تفسير هذا. ولكي أكون صريحاً معكم: فان هذا ليس بامكاني لاني انا نفسي مش فاهم! ولكن ولحسن الحظـ، فالتفسير موجود في الكتاب (أي الانجيل): أنا الله وانا بشر. هذا ما يقوله المسيح عن نفسه في الانجيل. فهل بقي هناك مجال لعدم الفهم؟!

أخذت في الضحك حتى اغرورقت عيناي بالدموع (حلوة اغرورقت هذه، مش هيك؟) ما علينا. المهم انني فعلاً احسست بالسعادة لعدم ايماني بهذا الهذيان. قال ايه: الواعظ يسأل ان كان قد بقي مجال لعدم القهم؟ يا ترى، هل هذا سؤال استنكاري لانه يعتقد بانه قد استأثر بكل عدم الفهم بحيث انه لم يبقى من هذا (أي عدم الفهم) اي شيء لغيره من الناس؟ ربما. الله يكسر خاطره شو أناني.

ويواصل الواعظ شارحاً ان كل ما بقي علينا هو ان نقبل بالمسيح مخلصاً. السؤال هنا: هل يمكن للمسيح ان يخلص الواعظ مما هو فيه من سفاهة؟. طبعاً لا. اذاً، فكيف يكون هو المُخَلِّص؟

ولمن لم يفهم حتى الآن: خلق الله آدم وخلق حواء ثم تركهما ليقعا في المعصية ثم عاقبهما ونسلهم الذي هو خالقهم ايضاً ثم ارسل ابنه المسيح لتصويب اوضاع هذه المخلوقات وانقاذها من العقاب رغم الخطايا التي ارتكبوها، وكاننا في فيلم مصري قديم به خواجا يدير باراً وبعد ان يشرب الزبون ويتنيل على عين اهله يفاجئه الخواجا قائلا: الخساب على صاخب المخل يا خبيبي. المشكلة الوحيدة هنا هي في هذه اللهجة الخواجاتية التي تقلب الحاء خاءً! أو هل يا ترى هذه الحياة هي الكاميرا الخفية؟
أعدت التفكير في الأمر، فوجدت إن الموضوع سهل: هذا ببساطة هذيان لا يمكن فهمه، ولكنه في كتاب متين. فهل هناك مجال لعدم الفهم بعد هذا؟ الله خلقنا ثم اضلنا ثم عاقبنا ثم بعث لنا ابنه رحمة منه فتبهدل ابنه علي ايدي بعضنا وآمن بعضنا ثم صلبنا ابن الله ثم قتلناه ولم يبقى سوى ان نعترف بهذا وبان ابن الله هو المُخَلِّص فندخل الجنة، وإلا فإلى جهنم وبئس المصير واللي مش عاجبه يقلب وجهه.

كم تمنيت لو انني كنت اسمع هذه الموعظة عبر التلفون (أي الهاتف أعزكم الله) وليس عبر الراديو (أي المذياع أعزكم الله مرة أخرى). عندها لكنت قد رددت على الواعظ وقلت: آمين.
.

هناك 6 تعليقات:

قضمات صغيره يقول...

ههه في شي غريب ماشي في المدونات .. الجميع اصبح يتكلم عن المسيحيه .. شي حلو عشان لا يتهمنا المسلمون بالتحامل على الاسلام ..

غير معرف يقول...

أمون :)

atsuma the free man يقول...

جيد

استمر في الكتابه حتى على المسيحيه

ولا تنسى اليهوديه ايضاً

و الشيطان ايضاً

حتى يكفوا عن اتهامنا اننا عبدة شياطين او عملاء اسرائيل

أثير العاني يقول...

مدونة لطيفة

عقيدة الفداء المسيحية مضحكة بالفعل

غير معرف يقول...

مصباح لدي تعليقين:
الأول : كلامك كانه طالع من داخلي وهاي اسطوانة الخطيئة الممله عمري ما اقتنعت فيها
ثانيا" : يا نايم وحد اصحى مقبولة
لكنك عم بتنادي على اموااااااااااااات
الى الأمام يا مصباح

Samir Saad يقول...

المسلم يسعد بأنه متحرر من التخلف المسيحي. والمسيحي سعيد بأنه لا يرزح تحت وطأة التخلف الإسلامي. وكلاهما سعيدان بأنهما قد ابتعدا عن التخلف اليهودي وهكذا. وكل منهم يحمل داخله التخلف بحسب ما يرى احدهم الآخر. ثمة شخص سعادته لا تقاس وهو من ألقى خلف ظهره كل تخلف الأديان والغيبيات والماورائيات. أنا السعيد.
بخصوص المسيحية، لا تحاول استخدام العقل معها في أمور كالتجسد - نزول أبن الله في جسد البشر - وأمور كالفداء - الصليب - والقيامه - قيامة المحروس من بين الأموات. الحكاية تحتاج إلى خيال يُضاهي خيال مؤلف الحكاية، وليس من خيال كالذي في المسيحية. أغلق عقلك وحينها ستفهم كل شئ وتكون من خيرة المؤمنين. دع عقلك يعمل وحينها أنت ذاهب إلى الجحيم. ولكن لا تحزن فأصحاب العقول يسكنون هناك منذ القدم إذ لم ترضى عقولهم الحرة ونفوسهم الكريمة بجنة الجهلاء.

تحياتي