الاثنين، 31 مارس 2008

صلاة الجمعة الحزينة المسخرة

يوم الجمعة الماضي عجيب غريب، فهو يلي يوم المولد النبوي الذي يحتفل به المسلميون ويصادف الجمعة الحزينة كما تسمى عند المسيحيين العرب والجمعة الطيبة كما تسمى عند المسيحيين الأوروبيين. وهذه الأيام أيضاً توافق عيد المساخر عند اليهود، عليه، فقد قررت ان أذهب لصلاة الجمعة للحصول على بركات هذه الأيام الكريمة المقدسة عند الديانات السماوية والتي يحسبها المسلمون ثلاثة، ويحسبها المسيحيون اثنتان وهي واحدة فقد عند اليهود!

يا ترى، لماذا هي جمعة طيبة عند المسيحيين الأوروبيين بينما هي عند نفس اتباع الدين من أبناء جلدتنا جمعة حزينة؟ لا بد انها جيناتنا الكئيبة او الهواء الملوث الذي نتنفسه او الشمس اللاهبة التي تطس العقول في هذه الأوطان الكئيبة!


ساعة الصفر:
أدخل المطهرة فاجدها مزدحمة وأجد القوم بين نافٍ وتافٍ ومُشَمِّرٍ ومُقَنْبِزٍ، فاشمر واقتنبز وأتف وأنف واتشطف وأخلخل بين أصابع اليدين والقدمين ناوياً الطهارة.


المشهد الأول:
أبو بريص صوته شنيع، ومع هذا فانه يحسب بانه باحتكاره للآذان فانه سيدخل الجنة بدون سؤال. ولكن الأهم من هذا انه كايد اعداءه الذين يتمنون غيابه لأخذ فرصتهم في الحياة... أقصد في الآذان. وهو يحسب نفسه بلال بن رباح ويتمنى لو ان أميه يبيعه لنادي برشلونه او آرسنال بدلاً من ان يبيعه لأبي بكر ليعتقه. المهم، أزفت الساعة فقام أبو بريص للآذان وانبرى يصدح بصوته الملعلع عبر مكبر الصوت ليُسْمِع خلق الله بان الله أكبر... الله أكبر.... كتمت السؤال في نفسي الأمارة بالسوء: لماذا هذا الصراخ كل يوم خمس مرات (على الأقل)؟ أذكر ان صديقاً غير مسلم صارحني برأيه في الآذان مرة فقال انه رغم ان الآذان يتكون "تقنياً" من جمل مفيدة، إلا انه غير مفيد في الإجمال. لن اخوض فيما عناه ذلك الشخص وسأترك لكم التأويل كما تريدون.


المشهد الثاني:
لم ادخل مسجداً منذ مدة. ينتابني شعور غريب. لماذا أنا هنا؟ لماذا هؤلاء هنا؟ لماذا نجلس على الأرض في هذه الوضعية غير المريحة؟ ثم ماذا يقول هذا الشخص الواقف بجانب المنبر؟ لماذا يقف بجانب المنبر وليس فوقه؟ يا له من هدر؟ إن كان المنبر لا لزوم له ويمكن للخطيب ان يقف على الارض، فلماذا يجمعون التبرعات لشراء هذه المنابر؟ واستمرت الأسئلة الفارغة تقرع تلافيف مخي إلى ان عَلى صوت الخطيب: اللهم افعل... اللهم لا تفعل... اللهم افعل ولكن لا تًكْثِر... اللهم لا تفعل ولكن لا بأس ان فعلت قليلاً... وانا والموجودين نرد بصوت جهوري نتصنع فيه الخشوع والتقوى والورع: آميــــــــــــــــــــــــــــن. مين آمين هذا؟ ما دخل آمين فيما نقول؟ مش مهم، آميـــــــــــــــــن.

يتابع الامام الورع الخطبة قافزاً بشطارة بين الوعيد والتهديد، والقال والقيل، والتهليل والتكبير، والشهيق والزفير، والتنحنح والانتحاب، والنشيج والعويل، ثم السب واللعن على الكافرين والاستغفار للمؤمنين والدعاء لهم باكمال الدين وستر عوراتهم اللاتي هي بناتهم وأزواجهن وكل مؤنت في حياتهم. وبين الحينة والفينة يصلى على أشرف الخلق أجمعين وامام المتقين والذي نحتفل بذكرى ميلاده اليوم وكل يوم. ويلفت نظرنا إلى ان الله وملائكته يصلون على النبي، إلخ، إلخ، فنصلي نحن أيضاً عليه مثلهم ومثل خطيبنا الهمام. ولا يفوت الخطيب المفوه الاشارة إلى الرسوم الدنماركية وانهم بقر لا يفقهون لأننا وحدنا من يفهم! ويحتسب الخطيب الله عليهم ونحتسب معه!

المشهد الثالث:
فَطَّ فلان من الصف الأول فأقام الصلاة. كم كنت اتمنى لو كان هناك مجالاً للإبداع هنا. نفس الكلمات ونفس اللفتات لليمين واليسار حسب السنة منذ أكثر من 1400 سنة. هذا الأمر لا يعنيني. ما يعنيني هو سنين عمري التي لم يتغير هذا "الخطاب" خلالها. كيف لا يصاب من يستمع لهذا الكلام أو يقوله مراراً وتكراراً بالملل؟ ربما ان البعض يجد متعة في هذا، لكني ومن قلبي وبدون تحامل: مَلّيت.

المشهد الرابع:
الامام يحذرنا من ان نقف بعوج ويحذرنا أيضاً من الصفوف الملتوية ولسان حاله يقول: "صحيح انكم تقفون خلفي ولكني واعيلكم ومركب عيون في قفايا". الشيطان يتربص بكم، ان ترك احدكم فُرْجَة بينه وبين الواقف بجانبه والذي افطر فولاً بالبصل فسيدخل الشيطان ليقف فيها. فكرت: هل اترك فجوة بيني وبين صاحب الكرش الذي عن يميني لعل الشيطان يقف فيها وانال حسنات لانني أجبرت ابليس على الصلاة. هل اترك فجوة بيني وبين هذا التنح الواقف عن يساري والمصمم على غرس اصابع قدمه في اصابع قدمي والذي كلما سحبت قدمي اليسرى لليمين، لحقني كانه مسلط علي كعملي الرديء. ليت الشيطان يقف بيننا فيتعذب العذاب الأكبر على يد (أو بالأحرى رجل) هذا المزعج.

يطلب الامام استحضار النية وينصحنا بان نصلي صلاة مودع. يا سيدنا الشيخ، لماذا هذا التشاؤم؟ سؤال لم أسأله، فلم يجاوب هو!


المشهد الخامس:
يكبر الامام فنكبر، يقرأ فننصت ونقرأ، يطيل فنتمايل في خشوع، يركع فننخ، ثم يسجد فنخر وراءه ساجدين، ثم يقعد فنكون مثله من القاعدين. الخوف يملأ قلبي. هل يمكن ان يضحك علي الشيطان الذي اندس بيني وبين صاحبي ذي الكرش فيجعلني أرفع رأسي قبل الامام فانقلب حماراً؟

تمضي الدقائق كأنها ساعات ويتابع الامام القراءة بلا كل ولا ملل ولا نصب ولا تعب ونحن في اثره ماضون. أخيراً، نجلس فتطول الجلسة ثم نسلم عن اليمين وعن الشمال. أتذكر انه كان بامكاني ان اتف على الواقف عن يساري ولكني اضعت الفرصة. ربما في المرة القادمة. وعلى رأي الحاجة والدتي: كل تأخيرة وفيها خيرة وخيرها في غيرها.

المشهد الأخير:
نجلس في خشوع نستغفر ربما على الأفكار التي دارت بخواطرنا أثناء الصلاة ثم نقوم فنصلي السنة وكأن الفرض لا يكفي. هل هذا نوع من البقشيش؟ على أي حال نقوم متجهين نحو الأبواب للخروج وكانك يا محترم في عش دبابير: زن زن زن زن. الكل يكلم الكل وكانه آخر عهدهم بالكلام فيريدون ان يشبعوا منه. نخرج فاذا بالسوق قد نُصِبَ على أبواب المسجد فننتشر في الأرض ونتهافت على ارزاقنا.

سيماهم على وجوههم:
اتطلع حولي فأرى الجمع في سعادة غامرة وطمأنينة وسكينة... سيماهم على وجوهم. احس بسعادة لان السكينة لم تتمكن مني وأفر من بين الجموع لأتوارى عن العيون.

وتقبل الله طاعاتكم............

السبت، 29 مارس 2008

للسعوديات فقط... حقيقي ألف مبروك

كما اوضحت قبل أيام، فانني قد قررت الانبراء في هذا الشهر الفضيل (مارس) للدفاع عن حقوق المرأة عبر صفحات هذه المدونة. ولكن يا فرحة ما تمت، أخذها الغراب وطار! فقد افقت من النوم فجأة لأكتشف بان المرأة قد اخذت حقوقها، وزيادة. وبهذا، فقد خسرت انا شخصياً معركتي الدون كيشوتية، حتى قبل ان تبدأ. وعزائي الوحيد انني خسرت امام الأفضل؛ رجال هيئة الأمر بالمعلوف والنهي عن الخردل.


ورغم ان الكل يعرف ان الاسلام قد اعز المرأة واعطاها حقوقها كاملة، فان بعض المغرضين والحاقدين السفلة (من امثال محسوبكم) دأبوا على التشكيك بهذا الأمر وعدم الاعتراف به. ولكن وكما تفول الحِكمَة: فانك تستطيع ان تخدع البعض كل الوقت، وتستطيع ان تخدع الكل بعض الوقت، ولكنك لا تستطيع ان تخدع الكل كل الوقت.

من يعرف السعودية يعرف ما تعنيه هيئة الأمر بالمعلوف والنهي عن الخردل في بلاد الصحراء الفاقعة: أنها خط الدفاع الأول والأخير في وجه التقدم اعاذ الله اهل تلك البلاد منه وابعده عنهم وابعدهم عنه. فهذه الهيئة توظف رجالاً افاضل للمحافظة على القيم والتقاليد والأخلاق والدين (بالخيزارانة في احسن الأحوال وبوسائل اخرى كما قد تستوجب الامور). وشعار هؤلاء الأشاوس ان العصا لمن عصى! وهم في استعمالهم للخيزارانة يستوخون العدل، فلا يفرقون بين ذكر وانثى أو كبير وصغير أو مواطن او مقيم أو صحيح او مريض. فالكل امامهم سواء باستثناء اولي الأمر منهم. وللدلالة على انهم بشر وغير معصومين، فقد قتلوا مؤخراً عددا من المواطنين لبيان انهم بني آدم، وكل بن آدم خطّاء، وخير الخطائين التوابين.

وبالإضافة لسعي المطاوعة (رجال الهيئة) الدائم لاثبات انهم بشر وليسو ملائكة تمشي على الأرض، فان لهم انجازات أخرى. فهم حملة رقم جينيس في اكل الكبسة وأبطال العالم في المسواك للمسافات الطويلة. كذلك، فهم معروفون بسيقانهم الجميلة التي تكشف عنها أثوابهم القصيرة حسب السنة، وهم يحفون الشوارب ويطلقون اللحى ولا يهمهم المتنبي وما قال في هذا. ومن الجدير ذكره هنا انه عند انشاء حكومة الكترونية في السعودية (ان شاء الله) فإن الهئية ستضلع بدور فايروس ليس له مضاد لا من العم مكافي ولا من الحاج نورتون.

ولان الهيئة تؤمن بحقوق المرأة وتحرص على المساواة بينها وبين الرجل في (حدود الشرع)، فقد قرروا مؤخراً في خطوة هي الأولى من نوعها توظيف نساء وتشكيل وحدة نسائية وتكليفهن بضبط وملاحقة المخالفات الشرعية الخاصة بالنساء بمهرجان الجنادرية.وبحسب ما نشر موقع العربية نت فان مصدرا رفض التصريح عن اسمه (لاحساسه بالأمان وحقوق الانسان) قد افاد بان هناك مشروع يتم دراسته لإنشاء وحدة خاصة للعضوات يعهد لها صلاحيات القبض على من يرتكبن مخالفات شرعية أو توجيه النصح لهن حسب نوع المخالفة. وبمناسبة المهرجان السخافي اياه، فقد تم تخصيص مئات من السيدات والفتيات السعوديات لحفظ الأمن والنظام وملاحقة المتبرجات داخل أرض الجنادرية في الأيام المخصصة للنساء، إضافة إلى التعاقد مع شركات نظافة نسائية. وبالنتيجة، فقد رفعت هذه الترتيبات الحرج الذي يشعر به أعضاء الهيئة خلال مداهمتم لأماكن بها نساء، وخاصة الأماكن المغلقة التي يتم فيها ضبط مخالفات الخلوة غير الشرعية.

وبهذا سيداتي سادتي تكون السعودية قد ساوت بين جحا الذي هو أحق بلحم ثوره وجحاية التي هي احق بلحم بقرتها واعطت النساء حق اضطهاد النساء بعد ان كان هذا الحق مقصوراً على الرجال من قبل. مبروك من القلب للمرأة السعودية وحصوة في عين الحساد الأوغاد الحقاد.

السبت، 15 مارس 2008

للنساء فقط: إياكن ثم إياكن والكبيرة التاسعة والسبعون بعد المائتين!

منذ مدة، كنت قد نشرت هذا الموضوع في موقع على الإنترنت تحت اسم مستعار آخر. وقد رأيت ان اعيد نشره هنا مع بعض التعديل في خضم فترة النسونة التي أمر بها والتي ربما تكون علامة على بوادر لأزمة منتصف العمر كما يسميها الفرنجة، او مراهقة الشيخوخة كما يسميها بنو يعرب. فإلى المقال:

في خضم انشغال الماديين من علماء الغرب بالانبعاث الحراري وسعيهم لايجاد علاج للسرطان وتطوير مصادر جديدة ونظيفة للطاقة، انشغل علماؤنا الأفاضل بفقه المرأة وتبيان أن صوتها عورة - حتى ولو كان نقيقاً كنقيق الضفادع أو فحيحاً كفحيح الأفاعي - ونقاش فضل النقاب على الحجاب للصلعاء والجرباء. وقد سخّر علماؤنا الأشاوس الانترنت وابتدعوا ما يمكن تسميته بالفتاوي الإفتراضية السايبرية الدجاتيلية لخدمة الأنسانية. ومن أبرز المبدعين على هذا الصعيد ما يسمى بمركز الفتوى. وتتناول فتاوى هذا المركز أموراً حياتية هامة وملحة، فهي مثلاً تشجع الأولاد على ركوب الخيل من باب أن هذا من السنة، بينما تشير إلى تحريم الشافعية الشئ ذاته على البنات والنساء استناداً لحديث يقول: لعن الله الفروج على السروج. ومن لا يصدق، فليتفضل ويضغط هنا، وذنبه على سرجه أو فرجه، والله أعلم.

والمشرفون على الموقع في الواقع فهمانين بالفعل وورعين وأتقياء ولا تأخذهم في الحق لومة لائم ولا لئيم مثلي. فهم يرون أن مكان المرأة بيتها (أو بالأحرى بيت أبيها أو زوجها)، وأنه لا يجوز لها تولي الأمور العامة مثل النيابة في البرلمان، وأهم ما في الأمر هو أنه يرى أن الكبائر التي تدخل "النار" بعدد شعر رأس المرأة وليست بعدد شعرات صلعة واحد أقرع مثلي. فمثلاً: يشير الموقع إلى أن الإمام ابن حجر الهيتمي رحمه الله تعالى يبين في الزواجر عن اقتراف الكبائر أن الكبيرة التاسعة والسبعون بعد المائتين: خروج المرأة من بيتها متعطرة متزينة ولو بإذن الزوج. ومرة أخرى، من لا يصدق يمكنه زيارة الموقع.

تخيلوا يا بشر: هناك على الأقل 279 كبيرة في الإسلام! الله أكبر! يعني باختصار لازم الواحد مننا ياخد باله 100% والا فانه داخل النار 100%، وان أفلت من كبيرة فلن يهرب من الباقي. يا ما انت كريم يا رب! أليس ربك بالمرصاد؟

بالمناسبة، زوجتي منكبة هذه الأيام على قراءة كتاب حصلت عليه هدية من صديقة لها. اسم الكتاب: 1000 سؤال وجواب للمرأة المسلمة. ويا ويلها يا ظلام ليلها يا اللي ما بتعرف كل الأسئلة والأجوبة، لأنها باختصار ممكن تروح النار بسبب جهلها بالكبيرة 373 ونصف. حقيقي، الله لا يخلف على مؤلف الكتاب ولا على التي أهدته لزوجتي. وأخشى ما أخشاه هنا هو ان يكون الانكباب على هذا الكتاب من الكبائر الألف والتي تستوجب الحرق في الفرن إياه. مسكينة زوجتي ومسكينة هذه الأمة. مسكينة، مسكينة، مسكينة.

أقولها بملئ الفم... أنا نسونجي

أنا ذكر معتز بذكورتي، ولكن امي إمرأة وما يعيبها يعيبني، وليس هناك ما يعيبها أو يعيبني. ماذا عنكم ذكوراً واناثاً ومخانيث، هل منكم مَن أمه ذكر؟ بالمناسبة، زوجتي أيضاً إمرأة، وكذلك فإن بناتنا اناث. ولأن كل هؤلاء نسوة احبهن وأحترمهن وأفتخر بهن وأنتمي لهن وينتمين لي، فأعتقد أن هذا يجعلني نسونجي من الطراز الأول! مش كده ولا إيه؟

خلال البضعة مئات من الأعوام الماضية من عمري (حيث أنني لبثت في قومي 1400 عاماً وزدتها حّبتين)، لم استطع أن أفهم سر حقدنا على المرأة، بما في ذلك النساء أنفسهن! حقيقي، أنا لا افهم كيف تعتقد مرأة انها ناقصة عقل ودين ثم تريد منا ان نصدقها؟ نصدق مين يا عم! نصدق مخلوق ناقص عقل ودين؟

من ناحية أُخرى وأَخرى (بضم الهمزة في الأولى ونصبها في الثانية)، فإنه يمكنني تخيل اضهاد الرجل للمرأة في عالم ذكوري كامل، لا يعيبه إلا إناثه! فمثلاً: الإمام الشافعي الكامل العاقل اسم الله حوله وحواليه لما وقع بصره على كعب امرأة "تبرجل وطارت ضبانات عقله" فتأثر حفظه للقرءان! هل كانت تلك المرأة فعلاً جميلة لهذا الحد ولا على رأي المثل: "اللي ما شافش لحمة وشاف ... إتجنن". أو لربما انه (رحمه الله) كان حماراً واحتاج لشماعة يعلق عليها غباوته؟ ماذا لو ان الامام الهائج رأى شعرات باريس هيلتون بعد أن خلعت الحجاب؟ بربكم، ماذا كان ليفعل حضرته لو انه كان لديه ساتلايت مشفر أو حتى لو انه تفرج على روتانا، ناهيكم عن الانترنت وبلاويها؟ أكيد كانت راحت عليه يا حبة عيني وارتاح وريحنا. آخ بس لو ان الشافعي يرى ما أراه كل يوم في الشارع وفي السوق وفي العمل! فينك يا شافعي، فينك يا راجل...

ورغم أنني أعرف أننا امَة عبقرية تحتاج لفتوى (أو أكثر) لكل شيء وأي شيء، فقد تفاجأت عندما قرأت في مدونة حسن الهلالي عن موضوع الحنفية (أي الصنبور)! وما يحيرني هنا هو انه كيف سَمَحَ الشرع بالإختلاط في هذه الحالة بين الحنفية (الإنثى) والصنبور (الذكر) والذين لا شك في هذه الحالة بان الشيطان كان ثالثهما. غريبة هاي، مش هيك؟

ولأن الموضوع معقد قليلاً ولن استطيه تغطيته في جلسة واحدة، فإنني ساركز في الأيام القادمة على تدوين أفكاري ومشاعري بخصوص المرأة. ألم أوضح في بداية هذا التدوين انني نسونجي وزير نساء وابن أنثى؟

فإلى اللقاء...

الجمعة، 14 مارس 2008

أرجوكم... لا تَشُخو في لباساتكم...

منذ فترة، قرأت مثلاً طريفاً يقول: "نِكايَة في الطَهارَة، شَخِّيت في لباسي"! وبين الحين والآخر، يخطر هذا المثل على بالي وأنا أطالع بلوغات بدأت في عشقها وادمانها، أو استمع أو أقرأ لأشخاص أحترم رأيهم كثيرأ، وأحترم شجاعتهم أكثر، بل أحسدهم عليها مثل وفاء سلطان على وجه الخصوص. وأرجو ان تمهلوني لأُفَسِّر ما أعني.

الانفلات من الدين يجب أن يكون من كل الأديان، وكل الأديان بالفعل، والا فأين العقل؟ فكما انه لا يوجد كذب أبيض وكذب أسود، فإنه لا يوجد دين كحلي منيل بنيلة ودين أصفر فاقع لونه يسر الناظرين. وحيث ان معظم من فرّوا من الدين من العرب كانوا محسوبين على الاسلام، فانهم في انقلابهم اصبحوا يعادون هذا الدين. لا يا أصدقاء. الدين والجهل والخزعبلات والتشدد وعدم التسامح والخرافات هي أعداؤنا. ولكننا بالمقابل لا نعادي أحداَ، لا الإسلام ولا غيره. هل عادى غاندي والشعب الهندي الإنجليز؟ الجواب باختصار هو لا، على الرغم من عداوة الامبراطورية البريطانية الشرسة لغاندي والهند. أرجو أن لا أكون قد عَقَّدت الموضوع وأسأت اليه بهذا التعقيد. فرغم ان المسلمين ينظرون للعلمانيين على انهم أعداء مرتدين يستتابوا فقط لتحليل اما قتلهم او الاستمراء في استضراطهم واستعبادهم تحت راية الاسلام التي تصلح لكل مكان وزمان، فليس للعلماني الحقيقي عدو. ولو كان لنا قرءاناً لوجدنا فيه: فليستعمل عقله من اراد، ومن لم يُرِد فالله لا يعوض عليه ولا على أهله! وبالطبع، لن يكون في هذا القرءان شيء مثل: من لم يستعمل عقله فمأواه المسجد وبئس المصير. باختصار: أنا حر، وانت حر، وهي وهو وهم وهن أحرار ولنا جميعاً مطلق الخيار.

والآن، ان عدنا لموضوع معاداة الاسلام من قبل من كانوا محسوبين أو مفترضين من ضمن المسلمين، فاننا نلاحظ ان البعض يبالغ في عدائه للإسلام لدرجة إتباع مبدأ "عَدُوّ عَدُوّي صديقي"! وعليه، فإسرائيل واليهودية والصهيونية والمسيحية الأصولية وما شابه يصبح لبعض العلمانيين صديق، وهذا فعلاً أمر غريب! فإسرائيل والجمهورية الإسلامية الإيرانية هما الدولتان الوحيدتان في العالم التي تم تأسيسهما على أساس ديني بحت - وأنا هنا استثني الفاتيكان من تعريف الدول. ولهذا، فمن الغريب ان نرى العلماني يؤيد ما تفعله اسرائيل في غزة مثلاً من منطلق ان حماس تحكم الاخيرة. يا سادة: الطفل القتيل هو ضحية لمن قَتَلَهُ وليس لمن كان السبب وراء اعتداء من قتله. هل هذا المنطق صعب؟

بعد عدة سنوات من الحياة في الغرب لم استطع خلالها الخروج من جلدي الـتراثي (وانا هنا اتعمد عدم استخدام كلمة الثقافي)، فقد لاحظت مؤخرا ما قد يكون ربما الفارق الأكبر بين فلسفتهم القانونية وما نحسبه نحن فلسفتنا القانونية، وهو باختصار ان القوانين في الغرب (المتحضر ولو اعترض المعترضون) تنظر للعقاب كفرصة للاصلاح وتجنيب المجتمع مصائب الجاني، وليس فرصة للانتقام والأخذ بالثأر والقصاص وجعله عبرة لمن يعتبر. فأن يدفع الجاني ثمن جريمته حقيقة لا يوفر للمجني عليه اي نوع من التعويض. فماذا سأستفيد من قطع يد النشالة التي لطشت تلفوني المحمول منذ سنوات؟ وماذا سيستفيد من قُتُلَ عزيز عليه من قتل القاتل؟ وأعتقد بأن هناك الكثرين الذين سيتفقون معي في الرأي. فإن كان هذا هو الحال، فما الذي استفادته اسرائيل من دك لبنان على رأس أهله كلما داعب النسيم الأغصان؟ وما الذي استفادته من قتل الأطفال في غزة مؤخراً رداً على إطلاق الصواريخ عليها؟ فلا الصواريخ توقفت، ولا عاد الاسرائيلي الذي قتله أحد الصواريخ الغزاوية للحياة. هذا في رأي مجرد انتقام واستعمال غاشم للقوة. وصحيح، اللي ما قدر على الحمار قدر على البردعة!

هل يوجد عاقل في الدنيا بامكانه تبرير الانتقام والثأر،
خاصة ان كان من طرف ثالث
وعلى الأخص ان كان هذا الطرف الثالث طفلاَ؟

مثل أخر غريب يتعلق بالهجوم الذي قام به فلسطيني مؤخراً على مدرسة دينية يهودية في القدس. فقد ندد البعض بالعملية من منطلق علماني بحت حسب ما يعتقدون! حسناً، وقبل ان استمر، فارجو ان تلاحظوا انني ارى في القتل والاعتداءات الجسدية جريمة لا مبرر لها مهما كان، سواء عقلياً أم إلهياً. وهذا ينطبق على هذا الحادث وكل حادث. ولكن، ألا تعرفون ماذا يفعل هؤلاء الطلاب والمدرسين و"الباحثين" في هذه المؤسسات التي تُسمى مدارس دينية في اسرائيل؟ إنهم يتعلمون انهم شعب الله المختار وان فلسطين او اسرائيل هي أرض الميعاد! وهؤلاء يقاتلون في سبيل دينهم، فيَقتلون ويُقتلون! مثل جماعتنا اياهم تماماً. وهم أيضا على حق والآخر على باطل! أيضاً مثل جماعتنا تماماً. وان فكرنا في ان هؤلاء طلاب يُلقنون المفاهيم الإلهية العنصرية ويتدربون على اصدار الفتاوي، أفلا يكون هؤلاء طالبان إسرائيل كما أن هناك طالبان أفغانستان؟ ألم يَقْتُل أحد هؤلاء الطلاب رئيس وزراء اسرائيل رابين بناءً على فتوى دينة؟ يعني اليهود والمسلمين شغالين بنظام الفتاوي ولدى كل منهما طالبان الخاص به. فما الفرق بينهما؟

.
وتفيد آخر الأخبار المتعلقة بهذا الحادث أن اسرائيل تدرس هدم بيت منفذ العملية. يعني باختصار سيعاقبون الميت! وهذه غباوة... ولكن الأدهى انهم سيعاقبون أهل بيته انتقاماً. يا جماعة، هذا الشخص الآن سارح مع الحور العين ولا يفكر في بيت ولا أهل ولا بطيخ. لماذا هذه الحماقة؟ لماذا لم يهدموا بيت قاتل رابين؟ الجواب، لأنه يهودي ولان أهله يهود له ولهم حقوق (عنصرية) حتى ولو أجرم ابنهم.

في الحقيقة فان اليهود والمسلمين يتفقون في الكثير من الأمور، ولكن لا يتفقون علي شيء. حلوة دي؟ يعني، الاسلام الذي ما هو الا مسخ من اليهودية الممسوخة اصلا من بيت أهلها ارهابي. واليهودية كذلك إرهابية. وعلى رأي المثل المصري: "لا تعاتبني ولا أعاتبك، الهم طايلني وطايلك".


صحيح، شهاب الدين اضرط من أخيه، ولكن كلا الأخوين مضراط!
(مع الإعتذار على تشويه بيت الشعر)

والأن، عودة لوفاء سلطان التي بلغ عداءها للاسلام (معذورةً) حداً أبعدها أحيانا عن الحياد. فهي تدافع عن اسرائيل فتتساءل: هل رأيتم يهودياً فجر نفسه في الألمان؟ وانا أجاوب، لا، ولكن ربما يكون هذا قد حدث أو لم يحدث، وليس هذا هو المهم. المهم هو: إن لم تكوني قد رأيت كيف فُعِلَ ربُّكِ باصحاب الفيل، ألم ترين ماذا فعل شعب الله المُختار بشعب الله المُحتار؟



وعندما أفكر في الأمر أقول: ربما ترى وفاء سلطان قوة عدوها (الإسلام) غاشمة لا طاقة لها بها، فتريد أن تحشد له ما استطاعت من عدة ورباط الخيل، حتى ولو بلغ الأمر حد التحالف مع الشيطان؟ أم هل هي يا ترى محاولة للعلاج بالتي كانت هي الداء؟ أي الدين بالدين والبادئ أظلم. وهذا يذكرني بمثل آخر حول حلّ المشاكل عن طريق "ضرب العرص بالعرص"!

كلنا قد رأى عمليات تفجير الذات والآخرين التي قَّلت هذه الأيام عما كانت عليه في السابق. ألا ترون الربط بين هذا وبين العقيدة اليهودية التي تتمثل في قول شمشون الجبار: "عليَّ وعلى أعدائي يا رب"؟ وهنا يبدو اننا ربما لم نلاحط سهواً أو عمداً كيف قام طبيب يهودي "طالباني" اسمه باروخ غولدشتاين بمباغتة وقتل العشرات من المصلين المسلمين العزل في الخليل، مستغلاً السيطرة الاسرائيلة العسكرية على المكان. يا ريته كان فجر نفسه في الألمان بدل هذه العملة السوداء!

هل يوجد عاقل في العالم بامكانه تبرير هذه الجريمة؟
.
الديانتان الإبراهيميتان اليهودية والاسلامية ديانتان دمويتان عنصريتان ارهابيتان تشتركان في الكثير: بدءاً بجريمة ختان المواليد الذكور وانتهاءً بالجرائم الكبرى ضد البشرية. ولهذا، فليس من المعقول تأييد اسرائيل وتخطيء المسلمين على طول الخط، فقط لمشاعرنا العميقة تجاه الدين الاسلامي. عندها، نكون كمن شخ في لباسه فقط نكاية في الطهارة. مش كده ولا إيه؟

الثلاثاء، 11 مارس 2008

الله يلعنك يا شوشو

الشيطان شاطر... وبالمناسبة، الأيمان بالشيطان هو الركن الخفي من أركان الإيمان الاسلامي، وعجبي!
.
حقيقي، المسلم يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وأيضاً بالجن والقضاء والقدر إلخ إلخ، ويؤمن أيضاً ليس فقط بالشيطان، بل انه يتوجب عليه أن يؤمن باتباعه وسلالته ورهطه وقبيله وخيله وبقية أعضاء النادي اياه من شياطين الانس والجن او الشركة الشيطونية المحدودة - شيطانكو ليميتد إياها!
والأمر الغريب حقاً في الموضوع أن الله -وليس الشيطان- هو من يعاقب من يكفر بالشيطان! والله يا جدع الواحد مننا مش عارف يلاقيها منين!

ولمن لا يعرف، او بيستعبط، فالشيطان في الاسلام جني مخلوق من نار عاش مع الملائكة المخلوقين من نور حتى خُلِقَ آدم من طين، فحدثت المأساة. وانا حقيقة جاهل تماما بماهية الشيطان في الديانات الأخرى، وليس عندي أي نوع من الفضول لتحري الأمر. وما يهمني في الأمر هو ذلك البغض الرهيب الذي يكنه المسلم للشيطان والذي يجعله يلعنه، ويلعن أبوه وحتى انه يرجمه في الحج. وبعد كل هذا، مش عايزين الشيطان يوسوس لكم، وهو أضعف الإيمان؟

بالمناسبة، للشيطان كما اسلفنا قوم وتَبَع وأبناء وأعوان ويقال حتى انه يتعامل مع الـ CIA والموساد الإسرائيلي. ولكن السؤال اللي محيرني هو ان كان له ابناء ولم نسمع عن ان له زوجات، لا واحده ولا مثنى ولا ثلاث ولا رباع ولا ثلاثة عشر مثل صاحبنا اياه، فمن أين له بالأبناء؟ هل يا ترى انه ليس له صاحبة؟ ومن أبوه؟ هل يا ترى أنه لم يولد؟ ولأنه واضح انه ذكر (من سجل الأحوال المدنية)، فانه لا يلد! والله حاجة غريبة قوي دي يا عصمان...

والله الواحد الظاهر انه بدأ يلخبط والأفضل ان أقوم انام. وطبعاً لن أنسى أن أتوضأ وان أقرأ المعوذات والاكثار من الاستغفار والاستعاذة بالله من الشيطان.

وإلى اللقاء...

الأحد، 9 مارس 2008

جراب الحشمة ام خراب الفكرة؟


قرأت مؤخراً عن اختراع سعودي فذ اسمه "جراب الحشمة"، وهو باختصار تغليف لبطاقة الاحوال النسائية تعمل على اخفاء الصورة ولكنها تبرز البيانات الخاصة بصاحبتها. ويقول الخبر بان هذا الاختراق التكنولوجي الهائل قد جاء بعد فيض من الدراسات والتجارب (يعني ولا مؤاخذة منهج علمي) لانهاء معاناة النساء مع صورهن في بطاقة الاحوال! وبحسب المخترع، فإن من شأن هذا الفتح المبين ان يحل مشكلة النساء اللاتي احتجن في ما سبق من ايام الفساد والاباحية الى طمس صورهن في البطاقة بالالوان أو وضع استيكرات عند اضطرارهن الى تقديمها للرجال في بعض الجهات التي ليس بها اقسام نسائية. ويدعي المخترع الفطحل بانه باع ما يقارب الـ30 الف خلال عشرة ايام.




نتوقف للاعلان


إلى كل ناقصة عقل و/أو دين


اشتري جراب الحشمة واحصلي على حزام عفة مجاناً


العرض ساري فقط في أرض الرمال


خصم كبير للقبيحات ومنكوشات الشعر




ما استفزني فعلاً في الخبر هو ليس أن الجراب يخفي الصورة، بل أنه يظهر المعلومات الشخصية لصاحبة البطاقة. كيف وصل الكفر والضلال في مملكة الرمال الكبرى لهذا الحد؟ أليس هناك شيء اسمه الحياء؟ كيف ستلاقون الله يوم القيامة وقد اشعتم اسماء امهاتكم واخواتكم وبناتكم وبنات اخواتكم وعماتكم وخالاتكم واللاتي ملكت ايمانكم والغلمان، إلخ، إلخ؟



ملاحظة لا بد منها: هذا الاختراع يفند ادعاءات الحاقدين عن ان الاسلام ليس دين ابداع وحضارة. كذلك، فهو مسمار في نعش الدعوة لخلع الحجاب والنقاب والزبالة.



والسؤال الآن: أليس هذا دليلاً على خراب الفكرة من شرش امها؟


في الختام: افكر في انشاء مشروع في مملكة الرمال الكبرى لثقب آذان الرجال لدرء الفتن ولمنع سماع أصوات النساء التي هي عورة. ولإتمام الفائدة، أنوي بعونه تعالى ان استخدم أدوات مطهرة بأبوال الابل. ولمن يعتقد بان في هذه العملية تشبه من الرجال للنساء افيد بان الثقب لن يكون في صرصور الأذن أو أي جزء من الأذن الخارجية، بل أنه يستهدف الأذن الوسطى وما دونها وصولاً للمُخَيْخ.


هل من نصائح أو فتاوي؟ ودمتم...

السبت، 8 مارس 2008

الدجاجة والبيضة والله والانسان والقرد... بدون ترتيب

أولا... محسوبكم جديد ع هالصنعة... أقصد البلوغ، مع انني بلغت من السن عتيا! على أي حال، ان تًبَلوٍغ (اي ان تصبح من اصحاب البلوغات) على كبر أفضل من ان لا تُبَلْوِغ أبدا! وعليه، فأشهدوا اني قد بَلْوَغْت. بالمناسبة؛ هل يا ترى البَلْوَغَة من شروط التكليف؟


حيث ان هذا أول تدوين لي (سجل يا تاريخ)، فقد فكرت في ان أستفتح بالفلسفة، وفكرت أيضا في ان أبدأ من البداية (منطق) وان اناقش أصل الحياة وأخوض مع الخائضين في البحث عن اجابة للسؤال حول ايهما وُجِدَ أولاً، البيضة أم الدجاجة (مع الإعتذار من أخينا الديك)؟ وقلت لنفسي الأمارة بالسوء:والذي نفسي بيده، لأريحنَّ البشرية من هذه المسألة التي كادت ان تأخذ أكثر مما تستحق من الوقت لولا تدخلي في الوقت المناسب ووضع حد لها. وفي هذه الموجة التسونامية من الأريحية الحميمة، فكرت كذلك في ان اريح العالم واجيب عن سؤال عويص آخر حول من خلق من؛ الله أم الانسان؟ وفي الخضم، لاحظت العلاقة المريبة بين الانسان والقرد! نعم، هي علاقة مريبة بلا شك. لا اقصد تشريحياً أو جينياً أو حتى ما قد يتبادر لذهن بعض الخبثاء وسيئي النية، ولكني اقصد مَنْ اتى مِنْ مَنْ؟ هل أصل الانسان قرد، ام ان اصل القرد انسان؟ فهل أنتج التطور الانسان من القردة ام ان السخط والمسخ هو الذي انتج القرد من البشر؟ وتذكرت كم كانت سعادتي وانا طفل عندما زرت حديقة الحيوان للمرة الأولى في حياتي وأحَلْتُ حياة القِرَدَة إلى جحيم للانني ارتدها ان تقلدني وان تتخذ مني أسوة حسنة. كذلك فعلت مع الببغاءات التي كرهتني ولم انجح في تلقينها أقوالي للتتوارثها جيل عن جيل.


وكبرت وما زال في نفسي شئ من القِرَدَة! وبين الحين والآخر، كانت القِرَدَة تباغتني بين الفينة والأخرى وتقتحم عالمي بدون دعوة، خاصة في دروس الدين. وقد التبس علي الأمر ولم أتمكن من تحليل التضارب بين دروس العلوم التي كانت تتحدث عن اننا سليلي قِرَدَة (ولا فخر) ودروس الدين التي فندت ذلك وطمأنتنا إلى أننا من سلالة من طين وماء مهين وأبناء زنا محارم وأخ قتل أخيه! ولكن هذا لا ينطبق على كل البشر طبعاً، فلسنا كلنا أبناء حواء وآدم، ولكن بعضنا أبناء قِرَدَة وخنازير! لول... وطبعاً، كلنا نعرف أن نظم التعليم العربي متخلفة وناقصة عقل ودين (أليست نُظُم، يعني مؤنث) وبنت ستين في سبعين (يعني أربعة آلاف ومائتين)؟ وعليه، فان دروس المدارس لم توفر لي الاجابة الشافية. وما زال البحث جارياً...


واليوم، وبمحض الصدفة، وقعت على حديث في صحيح البخاري هو ما ألهمني للبَلْوَغَة، والحديث يقول:


"حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ رَاَيْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قِرْدَةً اجْتَمَعَ عَلَيْهَا قِرَدَةٌ قَدْ زَنَتْ، فَرَجَمُوهَا فَرَجَمْتُهَا مَعَهُمْ‏.‏"


واصدْمَتاه (وليس كما ينادي المجانين واصدّاماه)! اذا فنحن من نأخذ سننا عن القِرَدَة وليست هي التي تقلدنا. لول بالقوي...


وشرفكم يا جماعة هذا في البخاري. والغريب أنه ليس فيه عن عن عن عن الرسول انه قال أو فعل! انما هو عمرو بن ميمون (والذي لا أعرف من يكون ولا أهتم أساساً به) هو الذي قال وفعل. كذلك فهو الذي شارك القِرَدَة في فعلها. يا ترى، هل لو كانت القردة بريئة، فهل كان سيقع عليه حد قذف القردات المحصنات اللي مش غافلات لانه لا يمكن رجمها وهي غافلة؟ ثم، هل هذا تصرف قِرَدَة الجاهلية وربما لا ينطبق الحكم على قِرَدَة الإسلام؟ ثم، كيف عرف عمّورة (عمرو بن ميمون) بان هذه هي الحكاية وانها قردة زانية؟ بالمناسبة، ميمونة هوالاسم الذي يطلقه المصريون على أي قِرْدَة (المصدر: أفلام قديمة، خاصة اسماعيل ياسين). فهل يا ترى لهذا الأمر علاقة بالقصة وأن الموضوع لا يتعدى ما يسميه البعض "جريمة شرف" قتل فيها ابن ميمون أُُمُّهُ ميمونة؟


في النتيجة، الموضوع اتلخبط معي على الأخر ومش لاقي لي حل. أنا مش عارف، أنا كان مالي بس ومال البَلْوَغَة؟


وإلى اللقاء...